الأحد، 24 أبريل 2011

دعاء الإمام السجاد بعد صلاة الليل

و كان من دعائه عليه السّلام بعد الفراغ من صلاة اللّيل لنفسه في الاعتراف بالذّنب :
اللّهمّ يا ذا الملك المتأبّد بالخلود و السّلطان الممتنع بغير جنودٍ و لا أعوانٍ. و العزّ الباقي على مرّ الدّهور و خوالي الأعوام و مواضي الأزمان و الأيّام عزّ سلطانك عزّا لا حدّ له بأوّليّةٍ ، و لا منتهى له بآخريّةٍ و استعلى ملكك علوّا سقطت الأشياء دون بلوغ أمده و لا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك أقصى نعت النّاعتين. ضلّت فيك الصّفات ، و تفسّخت دونك النّعوت ، و حارت في كبريائك لطائف الأوهام.
كذلك أنت اللّه الأوّل في أوّليّتك ، و على ذلك أنت دائم لا تزول و أنا العبد الضّعيف عملا ، الجسيم أملا ، خرجت من يدي أسباب الوصلات إلّا ما وصله رحمتك ، و تقطّعت عنّي عصم الآمال إلّا ما أنا معتصم به من عفوك قلّ عندي ما أعتدّ به من طاعتك ، و كثر عليّ ما أبوء به من معصيتك و لن يضيق عليك عفو عن عبدك و إن أساء ، فاعف عنّي.
اللّهمّ و قد أشرف على خفايا الأعمال علمك ، و انكشف كلّ مستورٍ دون خبرك ، و لا تنطوي عنك دقائق الأمور ، و لا تعزب عنك غيّبات السّرائر.
و قد استحوذ عليّ عدوّك الّذي استنظرك لغوايتي فأنظرته ، و استمهلك إلى يوم الدّين لإضلالي فأمهلته. فأوقعني و قد هربت إليك من صغائر ذنوبٍ موبقةٍ ، و كبائر أعمالٍ مرديةٍ حتّى إذا قارفت معصيتك ، و استوجبت بسوء سعيي سخطتك ، فتل عنّي عذار غدره ، و تلقّاني بكلمة كفره ، و تولّى البراءة منّي ، و أدبر مولّيا عنّي ، فأصحرني لغضبك فريدا ، و أخرجني إلى فناء نقمتك طريدا. لا شفيع يشفع لي إليك ، و لا خفير يؤمنني عليك ، و لا حصن يحجبني عنك ، و لا ملاذ ألجأ إليه منك. فهذا مقام العائذ بك ، و محلّ المعترف لك ، فلا يضيقنّ عنّي فضلك ، و لا يقصرنّ دوني عفوك ، و لا أكن أخيب عبادك التّائبين ، و لا أقنط وفودك الآملين ، و اغفر لي ، إنّك خير الغافرين.
اللّهمّ إنّك أمرتني فتركت ، و نهيتني فركبت ، و سوّل لي الخطاء خاطر السّوء ففرّطت. و لا أستشهد على صيامي نهارا ، و لا أستجير بتهجّدي ليلا ، و لا تثني عليّ بإحيائها سنّة حاشا فروضك الّتي من ضيّعها هلك.
و لست أتوسّل إليك بفضل نافلةٍ مع كثير ما أغفلت من وظائف فروضك ، و تعدّيت عن مقامات حدودك إلى حرماتٍ انتهكتها ، و كبائر ذنوبٍ اجترحتها ، كانت عافيتك لي من فضائحها سترا.
و هذا مقام من استحيا لنفسه منك ، و سخط عليها ، و رضي عنك ، فتلقّاك بنفسٍ خاشعةٍ ، و رقبةٍ خاضعةٍ ، و ظهرٍ مثقلٍ من الخطايا واقفا بين الرّغبة إليك و الرّهبة منك. و أنت أولى من رجاه ، و أحقّ من خشيه و اتّقاه ، فأعطني يا ربّ ما رجوت ، و آمنّي ما حذرت ، و عد عليّ بعائدة رحمتك ، إنّك أكرم المسئولين.
اللّهمّ و إذ سترتني بعفوك ، و تغمّدتني بفضلك في دار الفناء بحضرة الأكفاء ، فأجرني من فضيحات دار البقاء عند مواقف الأشهاد من الملائكة المقرّبين ، و الرّسل المكرّمين ، و الشّهداء و الصّالحين ، من جارٍ كنت أكاتمه سيّئاتي ، و من ذي رحمٍ كنت أحتشم منه في سريراتي. لم أثق بهم ربّ في السّتر عليّ ، و وثقت بك ربّ في المغفرة لي ، و أنت أولى من وثق به ، و أعطى من رغب إليه ، و أرأف من استرحم ، فارحمني.
اللّهمّ و أنت حدرتني ماء مهينا من صلبٍ متضايق العظام ، حرج المسالك إلى رحمٍ ضيّقةٍ سترتها بالحجب ، تصرّفني حالا عن حالٍ حتّى انتهيت بي إلى تمام الصّورة ، و أثبتّ فيّ الجوارح كما نعتّ في كتابك نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظما ثمّ كسوت العظام لحما ، ثمّ أنشأتني خلقا آخر كما شئت. حتّى إذا احتجت إلى رزقك ، و لم أستغن عن غياث فضلك ، جعلت لي قوتا من فضل طعامٍ و شرابٍ أجريته لأمتك الّتي أسكنتني جوفها ، و أودعتني قرار رحمها. و لو تكلني يا ربّ في تلك الحالات إلى حولي ، أو تضطرّني إلى قوّتي لكان الحول عنّي معتزلا ، و لكانت القوّة منّي بعيدة. فغذوتني بفضلك غذاء البرّ اللّطيف ، تفعل ذلك بي تطوّلا عليّ إلى غايتي هذه ، لا أعدم برّك ، و لا يبطئ بي حسن صنيعك ، و لا تتأكّد مع ذلك ثقتي فأتفرّغ لما هو أحظى لي عندك. قد ملك الشّيطان عناني في سوء الظّنّ و ضعف اليقين ، فأنا أشكو سوء مجاورته لي ، و طاعة نفسي له ، و أستعصمك من ملكته ، و أتضرّع إليك في صرف كيده عنّي. و أسألك في أن تسهّل إلى رزقي سبيلا ، فلك الحمد على ابتدائك بالنّعم الجسام ، و إلهامك الشّكر علىالاحسان والانعام ، فصلّ على محمّدٍ و آله ، و سهّل عليّ رزقي ، و أن تقنّعني بتقديرك لي ، و أن ترضيني بحصّتي فيما قسمت لي ، و أن تجعل ما ذهب من جسمي و عمري في سبيل طاعتك ، إنّك خير الرّازقين.
اللّهمّ إنّي أعوذ بك من نارٍ تغلّظت بها على من عصاك ، و توعّدت بها من صدف عن رضاك ، و من نارٍ نورها ظلمة ، و هيّنها أليم ، و بعيدها قريب ، و من نارٍ يأكل بعضها بعض ، و يصول بعضها على بعضٍ. و من نارٍ تذر العظام رميما ، و تسقي أهلها حميما ، و من نارٍ لا تبقي على من تضرّع إليها ، و لا ترحم من استعطفها ، و لا تقدر على التّخفيف عمّن خشع لها و استسلم إليها تلقى سكّانها بأحرّ ما لديها من أليم النّكال و شديد الوبال. و أعوذ بك من عقاربها الفاغرة أفواهها ، و حيّاتها الصّالقة بأنيابها ، و شرابها الّذي يقطّع أمعاء و أفئدة سكّانها ، و ينزع قلوبهم ، و أستهديك لما باعد منها ، و أخّر عنها.
اللّهمّ صلّ على محمّدٍ و آله ، و أجرني منها بفضل رحمتك ، و أقلني عثراتي بحسن إقالتك ، و لا تخذلني يا خير المجيرين
اللّهمّ إنّك تقي الكريهة ، و تعطي الحسنة ، و تفعل ما تريد ، و أنت على كلّ شي‏ءٍ قدير
اللّهمّ صلّ على محمّدٍ و آله ، إذا ذكر الأبرار ، و صلّ على محمّدٍ و آله ، ما اختلف اللّيل و النّهار ، صلاة لا ينقطع مددها ، و لا يحصى عددها ، صلاة تشحن الهواء ، و تملأ الأرض و السّماء. صلّى اللّه عليه حتّى يرضى ، و صلّى اللّه عليه و آله بعد الرّضا ، صلاة لا حدّ لها و لا منتهى ، يا أرحم الرّاحمين.

هناك 7 تعليقات:

  1. بارك الله فيكم
    ووفقتم لكل خير

    ردحذف
  2. وفقكم الله لكل خير وجعلها في ميزان حسناتكم

    ردحذف
  3. جزاكم الله خيرا جزاء احسنتم الله يجعلها في ميزان حسناتكم اللهم صل على محمد وآل محمد

    ردحذف
  4. وفقكم الله لعمل الخير وجزاكم الله عنا خير الجزاء

    ردحذف
  5. جعله الله في ميزان حسناتكم

    ردحذف
  6. جزاكم الله خير الجزاء

    ردحذف
  7. كتب الله اجرك وجعله في ميزان حسناتك

    ردحذف